top of page

هل احبنا؟

  • سامح
  • Jul 14, 2022
  • 3 min read

Updated: Oct 19, 2024

هل تذكر جابرييل؟ لا اظن انني تحدثت معك عنه من قبل…


لقد عملنا معاً لمدة سنتين او اكثر قليلاً في إحدى الدول العربية … كان جابرييل يونانياً و كان مديري المباشر ، احببت العمل معه و امضينا معاً اوقاتاً لطيفة توطدت فيها علاقتنا لدرجة الصداقة و اوقاتاً اخري عصيبة توترت فيها علاقتنا لأسباب لم افهمها بعد…


كان جابرييل يحمل چينات يونانية اصيلة، المنطق ثم المنطق . يهوى النقاش حول اكثر الامور جدلاً … يحب المجردات و ينزل بثقة الموقن بالحقيقة الى حلبة الجدال و ينتصر بفخر و سعاده لا يمكنه ان يخفيها…


يهوى العمل باستخدام جداول اكسيل Excel و يرى ان كل حقيقة و تسلسل و استنتاج و فكره يمكن وضعها في شكل معادلة في خلية من خلايا برنامج اكسيل و لابد لنتائج المعادلات ان تكون صحيحة و منطقية بما ان المعطيات صحيحة.


يصطدم من وقت لآخر بتسلسل الاحداث في الحياة اليومية و يُحبَط كثيراً اذا لم يحدث ما يتوقعه بناء على معطيات واضحة . مثل انه من البديهي ان نفوز بمشروع بما اننا قدمنا اقل سعر و افضل دراسة. لماذا اذن لم نفز؟؟


و لأن الحياة لا يمكن وضعها في معادلة اكسل فقد توصل جابرييل الى نتيجة يقينية تقر بالعشوائية الحتمية لهذه الحياة التي نعيشها.


كنا قبيل عيد الاضحى نلملم حاجياتنا و نهنئ بعضنا بالعيد و الاجازة حين صرّح جابرييل باحدى الحقائق اليقينية لديه و هي انه لا ينبغي ان يضطر أحد ان يضحي بأي شيئ لأجل آخر. هذا لا يجب ان يحدث ، "انظر حتى لتعليمات الطائرة" هكذا قال في منتصف المكتب معلناً افتتاح حلقة جدال و مستطرداً : "في حالة نقص الاكسجين ضع القناع اولاً ثم ساعد الآخرين . هذا بديهي ، اليس كذلك ؟ "…


نظر نحوي في انتظار رد و في عينيه السؤال "هل من مجادل؟" و تلفّت للزملاء في شكل دائرة فاتحاً ذراعيه كأننا في حلقة نقاش يونانية Agora…


دعني اصارحك: لقد كنت اخشى مجادلته حقاً من منطلق انه مديري و يقترب من كونه صديق لاننا في نفس السن . هو ايضاً لا يحب ابداً ان يُهزَم في جدال… كذلك يكره ان تخذله اذا دعاك لساحة المنافسة… يغتاظ جداً ان فعلت هذا…


لا اعلم كيف و جدت الكلام يتدفق على لساني و سألته: "ماذا ان كانت ابنتك هي التي تجلس بجوارك"

كانت له ابنة و حيدة لا اذكر سنها حينذاك… اظنها كانت في الرابعه او السادسة من عمرها… ذاكرتي لا تزال تخونني لكن هذا موضوع آخر سأحدثك عنه لاحقاً…


أجاب :" سأفعل كما تقول التعليمات و اضع القناع لنفسي اولاً ثم اضع لها القناع"…


اردفت بسؤال آخر: " ماذا لو اكتشفت ان قناعها لا يعمل ؟"…


احتد فوراً بقوله: "هذا لا يجب ان يحدث"…


انساب الكلام من فمي: " هذا يحدث كل يوم، نضحي من اجل من نحبهم بداية من التخلي عن برنامجنا المفضل في التلفاز الى التضحية بحياتنا في مواقف يومية بسيطة ومتكررة مثل عبور الطريق"…


هذا يحدث يومياً و عفوياً ايضاً… الحق ان التضحيات مُتوَقعه من الجميع… اليس كذلك؟


كيف نتوقع بثقة ان يضحي الاب و الصديق و الأم و المحب و الشهم و الشجاع و المخلص ؟…


كيف نتوقع بثقه ان يضحي كل من هؤلاء لأجل من يحبونهم و أحياناً لأجل المبدأ أو الواجب أو الفكره ؟…


كيف نتوقع بثقه ان يضحي كل من هؤلاء بكل شيئ حتى النفس لأجل من يحبونهم او من يقومون برعايتهم ؟…


دعني اتسائل امامك يا صديقي: كيف نتوقع ذلك منهم بثقه و نقدر لهم تضحياتهم … و في نفس الوقت لا نحسن الظن بمن خلقنا كما نحسن الظن بهم ؟…

ننظر اليه كما ينظر العبد لسيده و يتوقع منه الرحمة و العفو في كرمه و الثواب أو العقاب في عدله… اقصى ما نتوقع منه انه قريب، يسمع و يجيب…

الم يحبنا الذي خلقنا ؟ الى اي حدٍ احبنا ؟

About the photo: The 'School of Athens' fresco by Raphael, housed in the Vatican, is meant to represent the Greek agora and all the great minds that passed through it. (Image credit: Heather Whipps) Found on livescience.com


ree

Comments


  • Facebook
  • Twitter
  • Instagram

مدونة وجدني

تواصل

اسألني و شاركني افكارك

شكراً للتواصل

bottom of page