top of page

في المخدع

  • سامح
  • Jun 23, 2023
  • 4 min read

Updated: Oct 19, 2024

على اعتاب آلام البشر، في مخادعهم الداخلية، حيث ترقد مخاوفهم و احزانهم، احباطاتهم و افجاعهم. على اعتاب مخادع قلوب البشر ذات الحوائط السميكة، لا نملك الا ان نخلع احذية ارجلنا و قبعاتنا و روابط اعناقنا و ننحني في صمت، لان ما على وشك ان ينكشف لنا لا يمكن التعبير عنه بالكلمات البليغة العاجزة.


يا صديقي، حينما تَدخلُ الى ذلك المخدع ، اكتم انفاسك و ابعث دموعك رسلاً امامك، و ادخل بهدوء الصمت فقط ان سُمح لك … ادخل بتؤدة و بخطىً بطيئةٍ خفيفةٍ كالفراغ، اكرر، بالصمت و الفراغ و اللافعل و … و احذر لئلا تطأ جرحا عميقاً يدمي، احذر ان تدوس الجرح بقدميك الحافيتين دون ان تدري…


فقط اسمع و تفهَّم، لا تحاول ان تجد حلولاً و لا تحضر معك ضمادات و مطهرات و ادوية…

ادخل خلواً من كل شئٍ حافياً متجرداً مطأطئ الرأس حذراً… اكرر، كن حذراً و اضبط زمام افكارك و لا تفعل مهما سمعت و رأيت …


انت في المخدع الداخلي حيث الجراح الرطبة و البراكين الخامدة و العواصف المقيدة و الوحوش الساكنة و الحيات النائمة التي توشك ان تنزف و تنفجر و تهب وتنقض في قسوة لتدمر كل شيئ بلمسة او همسة او فكرة غير واعية … انت في حقل الغام القلب …


اغمض عينيك، لا تنظر ، دع قلبك يقود خطواتك و اسمع ، ارهف السمع و اسمع ، اسمع…

اسمع…


"انا مجروح و حزين و غاضب ، غاضب جداً ولا اطيق سماع اسمه و ارجم بحجارة القسوة كل من يتجرأ ليحدثني عنه…"

"هل هو محب ؟ لا ليس مُحباً…

هل هو فاعل ؟ ليس كذلك …"


"هل يعمل شيئاً؟ لا يعمل و ان عمل فهو عمل القسوة و السحق و الكره و التسلط لماذا؟ لماذا يفعل هذا ان فعل و لماذا لم يفعل ان لم يفعل ؟ إن فعل و إن لم يفعل فالنتيجة الحتمية واحدة …"


"ان كان موجوداً فهو قاسٍ جداً و إن لم يوجد فهو ظالمٌ جداً لأنه لم يوجد حين ظننت أنه موجود …"


"لماذا يتشدقون باعمالِك معهم هؤلاء الكذبة المراؤون؟ ان لم تفعل فهم يكذبون و ان فعلت فأنت محابٍ اذن انت ظالمٌ اذن لست الا ظالم …

الحاكم العادل لا يصنع عدلاً ...

انت لم تصنع عدلاً… نعم… ثانية و ثالثة انت لم تصنع عدلاً… اسمع ، اسمع ما اقول و اشعر به و اغضب و افنني ان كنتَ موجوداً ان كنت غيوراً ان كانت لك هيبة افعل شيئاً فاعرف على الاقل انني لا اخاطب حجراً صلداً لا حياة فيه …"


"ليتني لم اسمع عنك و لم ارك يوماً ليتني ولِدتُ و مت كالبهيمة لا افكر و لا افهم و لا احتاج لمعرفتك. انا حقاً بائس و تعيس و محبط و فاقد فيك الامل. ليتني لم اقابلك يوماً ولم اعرفك اصلاً …"


"لماذا اخذته مني؟ لماذا اعطيتني اياه ان كنت تنوي ان تأخذه بمثل هذه القسوة ؟…."

"اعطيتني ابناً رائعاً نما امامي و صار يافعاً يستقل سيارته و يسافر هنا و هناك… مثل غيره من الشباب… اخذته مني فجأة… هل تذكر اين و كيف؟ حادث اليم على طريق الاسكندرية … نفس الطريق الذي اسافر انا عليه على الاقل مرة في الاسبوع ذهاباً و اياباً فلماذا هو؟ هل كنت لأبخل به عليك ان طلبته؟ خذه راهباً خذه مكرساً متبتلاً خذه خادماً خذه كما تريد لماذا فعلت هذا و لماذا فعلته هكذا ؟ ماذا تريد مني ؟"


"لماذا لم تأخذني قبله؟ هيه انت انت … انت يا من تفعل حسناً و خيراً كل يوم كما يقولون … لا بأس اذن، انت يا من لا تفعل، هيه انت، احدثك انت، لماذا لست موجوداً ؟ لماذا تختفي في زمان الضيق ؟ يعيرونك و يهينونك و لا تهتم… انظر … انهم في افضل حال يسعدون وينتصرون و يكسبون و يبنون و ينظرون احفادهم و يلعبون معهم و يرقدون في سلام بين محبيهم فماذا كان لي من احترامي لك و عطاياي الكثيرة ؟ ماذا كان لي من ايماني بك ؟ ذَكّرني ان رددت سائلاً باسمك ان ظلمت انساناً ان بخلت على أحدٍ ذَكرني و اذكر لماذا افعل … اليس لأنني اومن بك و احترمك؟

هل هذا جزاء احترامي لك ؟

ماذا فعل لي ايماني بك ؟

لماذا جرحتني ولم تعصب جرحي؟ بل لماذا تجرح اصلاً ؟

لماذا سحقت قلبي و لم تشفه؟ فهمني لماذا تسحق اصلاً ؟"


"سأخاصمك و ابتعد عنك… سِر في طريقك و انا في طريقي لسنا اصدقاء و لا معارف و لا اي شيئ… اسقطني من ذاكرتك و كف عني وأعدك انني سأنساك ايضاً…

لن اذكرك و لن اتحدث عنك لا بالخير و لا بالشر… ساتجاهلك تماماً و افعل انت ما تريد ان تفعل فلا راد لفعلك و كن سعيداً فخوراً بما تفعل زهواً بسلطانك و حكمتك التي لا يدركها أحد… اذهب حسناً… لا بأس اذهب … اذهب الم اقل اذهب … اذهب ..."


"انا ايضاً سأمضي بعيداً بعيداً و لن التفت. بعيداً بعيداً الى ان اموت… لفتة للخلف نحوك لن افعل الى ان اموت…"


"ساتزوج ، ساتزوج و انجب ايضاً ابناءاً آخرين … مَن سأتزوج ؟ لماذا تسأل لا يهم… مهما كانت ساتزوجها… و مهما طلبت مني سأفعل … سأتركك لاجلها و سأعلن انني اعبد الهها الذي لا أعرفه و لا أعبده و لا أعبدك ايضاً…"


"نحن نتزوج و ننجب و اولادنا يموتون و نحن نموت ولا معنى لكل ما يحدث… الكل محض مصادفة…"


"لا ، ليس الكل مصادفة. على الاقل هناك شيئ واحد ليس مصادفة بل هو قراري أنا… سأتركك و امضي في طريقي سواء كنت موجوداً ام لا… مع السلامة… انا ماشي… ياريت ما نتقابلش و لا حتى صدفة عشان زعلان منك و بلاش نتعاتب عشان موش هايعجبك كلامي …"


هل سمعتَ و رأيتَ الجرح ؟

ارفع عينيك و قلبك الآن نحو المحب القريب الصالح و اطلب عنه وله. اطلب له شفاءاً، اطلب له قيامةً. اطلب له حياةً من موت …


ree

Comments


  • Facebook
  • Twitter
  • Instagram

مدونة وجدني

تواصل

اسألني و شاركني افكارك

شكراً للتواصل

bottom of page