top of page

الفرصة الاخيرة

  • سامح
  • Jun 11, 2023
  • 3 min read

الجيل يغادر … يطلقون عليهم جيل اكس (Generation X). إنهم مواليد ١٩٦٥ الى ١٩٨٠… اعمارهم الآن تتراوح بين ٥٨ عاماً الى حوالي ٤٣ عاماً…


مواليد الثمانينيات تحديداً يمكن وضعهم في شريحة عمرية خاصة بهم، و يمكن ضمهم الى مواليد اوائل التسعينيات و اعتبارهم ضمن جيل الالفية Millennials و احياناً يطلقون عليهم جيل واي (Generation Y) و هم مواليد الفترة من ١٩٨١ الى ١٩٩٦… حيث ان مواليد الثمانينيات في العالم العربي تحديداً، هم آخر من عاش العالم قبل الثورة التكنولوچية و آخر من ارسل رسالة صداقة عبر البريد و آخر من جمع اغانيه المفضلة على شريط كاسيت و انتظر مسلسله المفضل ليسجله بجهاز الڤيديو كاسيت و غنت لهم ليلى نظمي "يالڤيديو في الجهاز … يانأجل الجواز" و يعوزني الوقت لاتحدث عن مطربيهم و مسلسلاتهم و برامجهم التلفزيونية و طموحاتهم و زيارات الاعياد و اللمة حول التلفاز الملون و ٠٧٧٧ للاتصال بالانترنت و رقم ال ICQ وغرف الدردشة و تجميع اجهزة الكمبيوتر و الهارد ديسك المحمول... و … و ….


إنهم من شهدوا ثورات الربيع العربي وهم في كامل وعيهم…


في مصر، وُلِدوا و عاشوا معظم حياتهم ولهم رئيس واحد هو الرئيس مبارك و بابا واحد هو البابا شنودة و شيخ واحد هو الشيخ الشعراوي…

مثلث الرئيس و البابا و الشيخ و ما دار بينهم، يلَخّصُ معظم ثقافتهم و طباعهم و قيمهم…


وهبَتهم الحياة فرصتهم التي ربما تكون الوحيدة، و قد تكون الأخيرة … إنها ثورة، في رأيي الشخصي، اعظم من ثورة ١٩ و اسمى من حركة غاندي لأنها ببساطة، لم يكن لها زعيم. ثورة شابه، بيضاء، بلا توجه حزبي، بلا نزعات طائفية وغير مُتوَقعة من السُلطة… روحٌ دبت في جسد كان يُعتَقَد انه ميت…


القصة معروفة… و الايقونة مرسومة بدم الشهيد امام عينيكِ يا بنت النهر:


قتلوا مسيح الثورة ودهسوا رفاقه تحت عجلات مركبات فرعون امام عينيكِ المفتوحتين يا فتاة، ثم نادوا بنيكِ للاقتتال في شوارعِكِ التى طالما تاهوا فيها سوياً بحثاً عن لقمة العيش …


كان وحيداً، لم يتحالف مع فرسان البيداء و شيوخهم و لم يخف من عجلات فرعون و كهنته... كان يعرف من هو، من اين اتى، و الى اين يذهب. لهذا رجموه فرسان البيداء و اصابه رماة جيش فرعون و تركناه نحن و هربنا جميعاً...


ماذا فعلوا بكِ يا فتاة النهر؟ داسوكِ بأرجلهم في الميدان ثم عَرّوكِ… ابناؤكِ عَرّوكِ في الكرم يا اميرة الوادي …


الا تتذكرين ؟ الم ترين بعينيكِ ؟ … لم ترين بعد ؟… كل هذا مخفيّ عن عينيكِ إذ صرتِ تنظرين ولا تبصرين، و تسمعين ولا تفهمين، و تعرفين ولا تتذكرين حتى من انتِ و ابنة من تكونين !


منذ قرونٍ  يا حُرة… منذ قرونٍ يا جميلة برداء احمر و ابيض…


كيف قبلتِ ان يمتطيكِ فارس البيداء ذو السيف الدامي المعوج الصدئ ، و الخوذة القديمة الغليظة الضيقة، المُحكَمة الغلق على رأس لا يصلها نور الشمس … خوذة الفارس صارت بالية منذ قرونٍ …


الا ترين؟ لقد لفظَتهُ فتاة البادية، و خلعت خمار الاسْر عنها، ثم جلست في كابينة القيادة، و اقلعت بطائرتها نحو شمس المشرق و انتِ ؟ … وانتِ ؟ … الا ترين ؟


اعلَمي اذن، ان التاريخ يعيد الدرس على مَن لم يفهم يا فتاة…


كهنة فرعون يضلّونه، قالوا له "فيكَ حكمة الآلهة و قوة الاقدمين"، يشيرون عليه "طريقُكَ حسن" ، فيأخذُكِ من الحقول الخضراء، و يمتطيكِ الى ساحة الحرب شاهراً سيفه بكبرياء الجهل…


وحيداً في ساحة القتال يجدُ نفسه، يحيط بكِ اعداءُكِ و تنغرسُ فيكِ سهامُهم بلا رحمة، و تسقطين تحته، مثخنة بالجراح و تبكين … تبكين كثيراً … و تصيرين جريحةً و فقيرة و وحيدة و ارملة و ثكلى …


هاهو يَسقطُ باسلحته الحديثةِ التي اتكل عليها، و تُنكَّس راياتُه ذات السيوف …


استيقظي الآن يا جميلة، لا تزال رائحتكِ فيكِ و بنوكِ حولكِ، لا نريد انتصاراته ولا تمر نخيله ولا انهار خمره و عسله ولا نسائه الحور ولاارائكه و لا ولدانه، لا نريد اله الصحراء ولا نريدهن ولا نريدهم جميعاً… للحرية ثمن يا ابنة النيل…


ان لم تفهمي اليوم، فستُفتَقدين بجفاف نهرك و فقر ارضك و حيرة حكمائك و حزن فتيانك لضيق اليد، ذلك  لانك لم تعرفي زمان افتقادك…


التاريخ يعيد الدرس على من لم يفهم يا فتاة…


لماذا طال أسرُكِ يا بهية ؟… ارجعي ايتها الخضراء الجميلة الطيبة… انزعي عنك برقع البيداء وسواد الأسْر، و ارتدي ردائك احمر و ابيض، وسيري مرفوعة الرأس نحو شمس المشرق إن أردتِ، إن أردتِ !


ماذا تريدين حقاً يا فتاة ؟ لقمة عيش ؟ ماذا يريد لكِ هذا الجيل ؟


ماذا يريد لكِ مينا دانيال ؟



عن الصورة:

"سعاد- فلاحة مصرية في سوق خضار في الفيوم - صورة ل "وين ايستيب" 1978


Comments


  • Facebook
  • Twitter
  • Instagram

مدونة وجدني

تواصل

اسألني و شاركني افكارك

شكراً للتواصل

bottom of page